يوجد اليوم أكثر من عشرة آلاف نوع من النمل في العالم. وجميع هذه الأنواع تعيش في مجتمعات منظمة تتعاون وتبني وتدافع وتتكلم وتحس... ولها دماغ وأعصاب .... فسبحان الله!
يبلغ طول النملة من 2 ميليمتر وحتى 25 ميليمتر، للنملة رأس كبير قياساً مع حجم جسمها، ولها بطن بيضاوية وخصر صغير، ولها فكين تستطيع بهما حمل أشياء ثقيلة جداً بالنسبة لها، وتستخدمها أيضاً للحفر. ولها فكان داخليان لمضغ الطعام. كما لها هوائيان تستخدمهما لتحسس الأشياء- للتذوق والشم!
ذكاء النمل
يعتبر السلوك الاجتماعي للنمل هو الأعقد بين عالم الحشرات، ولذلك جاء القرآن بسورة كاملة اسمها سورة (النمل)، وذكر فيها المولى تبارك وتعالى قدرة النمل على التكلم، وقد أثبت العلم وجود لغة خاصة تتفاهم من خلالها النمل وتتواصل حتى عن بعد، فسبحان الله!
تستطيع النملة حمل أشياء تزن عشرين ضعفاً وزن جسمها، وتصور عزيزي القارئ لو أن رجلاً بهذه القوة فإنه سيحمل سيارة وزنها ألف كيلو غرام بسهولة، قارن قوة النملة مع قوتك، لتجد أن النملة أقوى منك بعشرين ضعفاً على الأقل!!
أقدم نملة
أقدم نملة على وجه الأرض تم اكتشافها في حجر في أمريكا عمر هذه النملة 92 مليون سنة، واكتشفت عام 1998، وقد عاشت هذه النملة في عصر الديناصورات، وسبحان الله ديناصور يزن عشرات الآلاف من الكيلوغرامات قد هلك وانقرض، ولكن نملة لا تزن إلا جزءاً من الغرام باقية تتكاثر كل هذه السنين!
إن الله تعالى كما هدى النمل هدى الشجر أيضاً! فقد وجد العلماء نوعاً من أنواع النمل يعيش دائماً في شجرة محددة هي شجرة الخرنوب، والعجيب أن الغذاء الذي يحبه هذا النوع من النمل تفرزه الشجرة من خلال فتحات خاصة على شكل محلول سكري، يتغذى عليه النمل، بل إن النمل يتغذى على أوراق هذه الشجرة لأنه صغير ومناسب لصغارها، ولكن ماذا تستفيد الشجرة من ذلك؟
وجد العلماء بعد مراقبة طويلة أن الذي يهلك هذه الشجرة هو بعض أنواع الحشرات الضارة، ولكن النمل قد زوده الله تعالى بجهاز معقد يقوم بلسع الحشرات الآتية إلى الشجرة وتحميها من التآكل بفعل هذه الحشرات الضارة، فسبحان الله الذي خلق كل شيء فقدَّره تقديراً!
كما أن الله تبارك وتعالى قد زود النملة بالقدرة على إفراز مواد كيميائية مطهرة، تستطيع بها تعقيم العش وتطهير اليرقات والبيوض لئلا تهلكها البكتريا والفطور، فهي تقوم بتغليف الشرانق بغلاف من هذه المادة يحميها من شر البكتريا، وتستخدمها أيضاً لتطهير غذائها المختزن لفترات طويلة، ولولا هذه المادة لهلك النمل على الأرض، فسبحان الله! وتستطيع النملة أن تفرز حمض النمليك الذي يعتبر مادة مخدرة للخصم، تستخدمه للدفاع عن نفسها.
يمكن أن تشكل عدة نملات فقط مستعمرة، ويمكن أن تكون المستعمرة مؤلفة من ملايين النملات! ولكن معظم المستعمرة تتألف من النملات العاملات وهذه لا يمكنها التزاوج، إنما تقوم بمعظم العمل مثل جمع الغذاء ورعاية الصغار والدفاع عن المستعمرة. وهذه صورة لإحدى مستعمرات النمل تضم آلاف النملات.
إن الملكة هي الوحيدة القادرة على التزاوج ولها أجنحة وهي أكبر من بقية النملات، وهذه الملكة تتزاوج مع النمل المذكر ذي الأجنحة أيضاً، حيث تنتج الملكة البيض ومن ثم ستفقس هذه البيض لتكون النمل العامل والملكات الجدد. أما الذكور فلا يقومون بأي دور سوى التزاوج حيث يموتون مباشرة بعد تلقيح الملكة.
للذكور خصيتين تنتجان الحيوانات المنوية، التي تستطيع بها تلقيح الملكة، وللذكر عضو يسمى aedeagus يدخله في فتحة خاصة في جسم الملكة ويلقي بالحيوانات المنوية فيه، وللملكة مبايض لإنتاج البيض، وتضع البيوض من خلال عضو اسمه Eovipositor .
وبالتالي فإن هذه البويضات تنتقل في جسم الملكة حتى تصبح قريبة من مكان التلقيح وتنتج البويضات الملقحة، والتي ستصبح فيما بعد صغار النمل! والعجيب أن البيوض الملقحة سوف تتحول إلى نملات عاملات أو ملكات، وهنالك بيوض لا يتم تلقيحها، وعلى الرغم من ذلك سوف تتحول إلى ذكور فيما بعد، فسبحان الله! ما هذا النظام المعقد والمحكم في نملة لا يتجاوز طولها عدة مليمترات!
تنتج ملكة النمل عدداً ضخماً من البيوض يقدر بالملايين، ومن رحمة الله بهذه البيوض الضعيفة والصغيرة والتي لا نكاد نشعر بوجودها أنه زوَّد النملة بالقدرة على إفراز مواد مطهرة ومعقمة تخرج من قنوات دقيقة، لتحفظ هذه البيوض سليمة من أي بكتريا أو مكروه قد يصيبها، والسؤال: من الذي زوَّد هذه النملة بهذه المادة ومن الذي سخر لها الطريق عبر شبكة أنابيب دقيقة لتفرزها، ومن الذي هداها وعلمها وأخبرها أن هذه المادة يجب أن تعقم بها بيوضها؟؟ فسبحان القائل في كتابه وعلى لسان نبيه موسى عليه السلام مخاطباً فرعون عندما سأله من ربُّك يا موسى: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه: 50].
النمل والبيئة
إن النمل ضروري جداً للحفاظ على البيئة، فهي تأكل الحشرات وتقلّب التربة فيدخل الهواء إليها، وهي غذاء مهم للعديد من الحشرات، وتلقح الزهور أحياناً، وتحرك المادة العضوية في التربة، وتعتبر النملة من أهم الحشرات المفترسة للحشرات الأخرى وبالتالي تحدث توازناً في عالم الحشرات.